فصل: رأي الفقهاء في الصلاة بعد الصبح والعصر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.وقت العشاء:

يدخل وقت صلاة العشاء بمغيب الشفق الاحمر، ويمتد إلى نصف الليل.
فعن عائشة قالت: «كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول» رواه البخاري.
وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لامرتهن أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه»، رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه.
وعن أبي سعيد قال: انتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بصلاة العشاء حتى ذهب نحو من شطر الليل قال: فجاء فصلى بنا ثم قال: «خذوا مقاعدكم فإن الناس قد أخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة، لاخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي وابن خزيمة وإسناده صحيح. هذا وقت الاختيار.
وأما وقت الجواز والاضطرار فهو ممتد إلى الفجر، لحديث أبي قتادة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الصلاة الاخرى» رواه مسلم.
والحديث المتقدم في المواقيت يدل على أن وقت كل صلاة ممتد إلى دخول وقت الصلاة الاخرى، إلا صلاة الفجر فإنها لا تمتد إلى الظهر، فإن العلماء أجمعوا أن وقتها ينتهي بطلوع الشمس.

.استحباب تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها:

والافضل تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقتها المختار، وهو نصف الليل، لحديث عائشة قالت: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، حتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى فقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي» رواه مسلم والنسائي.
وقد تقدم حديث أبي هريرة، وحديث أبي سعيد، وهما في معنى حديث عائشة، وكلها تدل على استحباب التأخير وأفضليته، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك المواظبة عليه لما فيه من المشقة على المصلين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاحظ أحوال المؤتمين، فأحيانا يعجل وأحيانا يؤخر.
فعن جابر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر، والشمس نقية، والمغرب، إذا وجبت الشمس، والعشاء، أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأوا أخر، والصبح كانوا أو كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس»، رواه البخاري ومسلم.
جدب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السمر بعد العشاء، ورواه ابن ماجه قال: جدب: يعني زجرنا ونهانا عنه.
وعلة كراهة النوم قبلها والحديث بعدها: أن النوم قد يفوت على النائم الصلاة في الوقت المستحب أو صلاة الجماعة، كما أن السمر بعدها يؤدي إلى السهر المضيع لكثير من الفوائد، فإن أراد النوم وكان معه من يوقظه أو أو تحدث بخير فلا كراهة حينئذ.
فعن ابن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في أمر من أمور المسلمين، وأنا معه» رواه أحمد والترمذي وحسنه، وعن ابن عباس قال: «رقدت في بيت ميمونة ليلة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، لانظر كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، فتحدث النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد».رواه مسلم.

.وقت صلاة الصبح:

يبتدئ الصبح من طلوع الفجر الصادق ويستمر إلى طلوع الشمس، كما تقدم في الحديث.
استحباب المبادرة لها يستحب المبادرة بصلاة الصبح بأن تصلي في أول وقتها، لحديث أبي مسعود الانصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، ولم يعد أن يسفر رواه أبو داود والبيهقي، وسنده صحيح.
وعن عائشة قالت: «كن نساء مؤمنات يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس» رواه الجماعة.
وأما حديث رافع بن خديج: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لاجوركم»، وفي رواية: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان، فإنه أريد به الاسفار بالخروج منها، لا الدخول فيها: أي أطيلوا القراءة فيها، حتى تخرجوا منها مسفرين، كما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يقرأ فيها الستين آية إلى المائة آية، أو أريد به تحقق طلوع الفجر، فلا يصلي مع غلبة الظن.
ادراك ركعة من الوقت من أدرك ركعة من الصلاة قبل خروج الوقت فقد أدرك الصلاة، لحديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة».رواه الجماعة.
وهذا يشمل جميع الصلوات، وللبخاري: «إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته» والمراد بالسجدة الركعة، وظاهر الأحاديث أن من أدرك الركعة من صلاة الفجر أو العصر لا تكره الصلاة في حقه عند طلوع الشمس وعند غروبها وإن كانا وقتي كراهة، وأن الصلاة تقع أداء بإدراك ركعة كاملة، وإن كان لا يجوز تعمد التأخير إلى هذا الوقت.

.النوم عن الصلاة أو نسيانها:

من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها، لحديث أبي قتادة قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة فقال: «إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها»، رواه النسائي والترمذي وصححه.
وعن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك»، رواه البخاري ومسلم.
وعن عمران بن الحصين قال: سربنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من آخر الليل عرسنا فلم نستيقظ حتى أيقظنا حر الشمس. فجعل الرجل منا يقوم دهشا إلى طهوره، قال: فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يسكتوا، ثم ارتحلنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس توضأ ثم أمر بلال فأذن ثم صلى الركعتين قبل الفجر. ثم أقام فصلينا فقالوا: يا رسول الله، ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ فقال: «أينهاكم ربكم تعالى عن الربا ويقبله منكم». رواه أحمد وغيره.

.الأوقات المنهي عن الصلاة فيها:

ورد النهي عن صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وعند طلوعها حتى ترتفع قدر رمح، وعند استوائها حتى تميل إلى الغروب، وبعد صلاة العصر حتى تغرب، فعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس». رواه البخاري ومسلم.
وعن عمرو بن عبسة قال: قلت: يا نبي الله أخبرني عن الصلاة؟ قال: «صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم اقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفي فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار»، رواه أحمد ومسلم.
وعن عقبة بن عامر قال: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيف للغروب حتى تغرب. رواه الجماعة إلا البخاري.

.رأي الفقهاء في الصلاة بعد الصبح والعصر:

يرى جمهور العلماء جواز قضاء الفوائت بعد صلاة الصبح والعصر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها»، رواه البخاري ومسلم.
وأما صلاة النافلة فقد كرهها من الصحابة: علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، وابن عمر وكان عمر يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكير، كما كان خالد ابن الوليد يفعل ذلك.
وكرهها من التابعين الحسن، وسعيد ابن المسيب، ومن أئمة المذاهب أبو حنيفة، ومالك.
وذهب الشافعي إلى جواز صلاة ما له سبب كتحية المسجد، وسنة الوضوء في هذين الوقتين، استدلالا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد صلاة العصر، والحنابلة ذهبوا إلى حرمة التطوع ولو له سبب في هذين الوقتين، إلا ركعتي الطواف، لحديث جبير بن مطعم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء، من ليل أو نهار». رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة والترمذي.

.رأيهم في الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها واستوائها:

يرى الحنفية عدم صحة الصلاة مطلقا في هذه الاوقات، سواء كانت الصلاة مفروضة أو واجبة أو نافلة، قضاء أو أداء، واستثنوا عصر اليوم وصلاة الجنازة «إن حضرت في أي وقت من هذه الاوقات، فإنها تصلى فيها بلا كراهة» وكذا سجدة التلاوة، إذا تليت آياتها في هذه الاوقات، واستثنى أبو يوسف التطوع يوم الجمعة وقت الاستواء.
ويرى الشافعية كراهة النفل الذي لا سبب له في هذه الاوقات.
أما الفرض مطلق، والنفل الذي له سبب، والنقل وقت الاستواء يوم الجمعة، والنفل في الحرم المكي، فهذا كله مباح لا كراهة فيه.
والمالكية يرون في وقت الطلوع والغروب حرمة النوافل، ولو لها سبب، والمنذورة وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة، إلا إذا خيف عليها التغير فتجوز، وأباحوا الفرائض العينية، أداء وقضاء في هذين الوقتين، كما أباحوا الصلاة مطلقا، فرضا أو نفلا وقت الاستواء.
قال الباجي في شرح الموطأ: وفي المبسوط عن ابن وهب: سئل مالك عن الصلاة نصف النهار فقال: أدركت الناس وهم يصلون يوم الجمعة نصف النهار، وقد جاء في بعض الأحاديث نهي عن ذلك، فأنا لا أنهى عنه للذي أدركت الناس عليه، ولا أحبه للنهي عنه.
وأما الحنابلة فقد ذهبوا إلى عدم انعقاد النفل مطلقا في هذه الاوقات الثلاثة سواء كان له سبب أو لا، وسواء كان بمكة أو غيرها، وسواء كان يوم جمعة أو غيره، إلا تحية المسجد يوم الجمعة، فإنهم جوزوا فعلها بدون كراهة وقت الاستواء وأثناء الخطبة، وتحرم عندهم صلاة الجنازة في هذه الاوقات، إلا إن خيف عليها التغير فتجوز بلا كراهة.
وأباحوا قضاء الفوائت، والصلاة المنذورة، وركعتي الطواف ولو نفلا في هذه الاوقات الثلاثة.

.التطوع بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح:

عن يسار مولى ابن عمر قال: رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد ما طلع الفجر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلي هذه الساعة فقال: «ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين» رواه أحمد وأبو داود.
والحديث وإن كان ضعيفا، إلا أن له طرقا يقوي بعضها بعضا، فتنهض للاحتجاج بها على كراهة التطوع بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتي الفجر أفاده الشوكاني، وذهب الحسن والشافعي وابن حزم إلى جواز التنفل مطلقا بلا كراهة، وقصر مالك الجواز لمن فاتته صلاة الليل لعذر، وذكر أنه بلغه: أن عبد الله بن عباس والقاسم بن محمد وعبد الله بن عامر بن ربيعة أوتروا بعد الفجر، وأن عبد الله بن مسعود قال: ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتر.
وعن يحيى بن سعيد أنه قال: كان عبادة بن الصامت يؤم قوما فخرج يوما إلى الصبح، فأقام المؤذن صلاة الصبح، فأسكته عبادة حتى أوتر، ثم صلى بهم الصبح.
عن سعيد بن جبير: أن ابن عباس رقد ثم استيقظ ثم قال لخادمه: انظر ما صنع الناس، وهو يومئذ قد ذهب بصره، فذهب الخادم ثم رجع فقال: قد انصرف الناس من الصبح. فقام ابن عباس فأوتر ثم صلى الصبح.

.التطوع أثناء الإقامة:

إذا أقيمت الصلاة كره الاشتغال بالتطوع.
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»، وفي رواية: «إلا التي أقيمت» رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.
وعن عبد الله بن سرجس قال: دخل رجل المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة، فصلى ركعتين في جانب المسجد، ثم دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا فلان بأي الصلاتين اعتددت، بصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا»؟ رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
وفي إنكار الرسول صلى الله عليه وسلم، مع عدم أمره بإعادة ما صلي، دليل على صحة الصلاة وإن كانت مكروهة، وعن ابن عباس قال: كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة، فجذبني نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «أتصلي الصبح أربعا؟» رواه البيهقي والطبراني وأبو داود الطيالسي وأبو يعلى والحاكم، وقال: إنه على شرط الشيخين.
وعن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي ركعتي الغداة حين أخذ المؤذن يؤذن، فغمز منكبه وقال: «ألا كان هذا قبل هذا». رواه الطبراني. قال العراقي: إسناده جيد.